المغرب يعيش المرحلة الثانية من الانتقال الجنسي
تقرير حول ندوة الانتقال الجنسي
القاء السوسيولوجي عبد الصمد الديالمي
إعداد : أمينة زوجي
نظم منتدى المعرفة
للسوسيولوجيا، يوم الجمعة 6 مارس 2015 ندوة حول موضوع "الانتقال الجنسي في
المغرب" ألقاها الدكتور عبد الصمد الديالمي بكلية الآداب والعلوم الانسانية
بالرباط.
اعتبر الديالمي في
مداخلته أن مفهوم الانفجار الجنسي الذي يستخدمه، جاء اثر تجاوز الجنس إطار الزواج،
ويتجلى ذلك في مظاهر التحرش، القوادة، السياحة الجنسية، المثلية الجنسية، والجنس
عبر الانترنت...
هذه الممارسات
التي سماها الديالمي بظواهر الانفجار الجنسي، تدل على أن الممارسات الجنسية أصبحت
تبتعد عن المعيار الديني الاسلامي, كما أوضح أن هذا الانفجار يوظف من طرف بعض
التيارات المحافظة لاتهام النظام بعدم القدرة على فرض الشرعية الاسلامية ولهذا
فالنظام يرفض الدراسات حول الجنس.
ويشير الديالمي
إلى أن الحركات الاسلاموية المندمجة توظف
مفهوم الانحراف لوصف الانفجار الجنسي، في حين تستعمل الحركات الاسلامية المتطرفة
أو الجهادية مفهوم العودة إلى الجاهلية، حيث أن الحركات الاسلامية تعتبر أن
الاسلام حدد الاطار المنظم للجنس وبالتالي فالانفجار الجنسي بالنسبة لهم هو خيانة
للإسلام.
ولتجاوز أحكام
القيمة، أختار الديالمي استعمال مفهوم الانتقال الجنسي كنظرية تقوم على التقابل
بين المعيار الديني والسلوك الجنسي، معتبرا أن هناك ثلاث مراحل أساسية للانتقال:
دينية المعيار الجنسي والسلوك بمعنى وجود تطابق بين السلوك الجنسي والمعيار
الديني.
المعيار الجنسي يستمر في دينيته أما السلوك فيستقل عن الدين ويتعلمن بمعنى
وجود طلاق بين المعيار والسلوك
المعيار الجنسي يتعلمن والسلوك أيضا.
يعتبر الديالمي
بأنه يمكن القول بأن المغرب يعيش المرحلة الثانية، لان المعيار المنظم للجنس ديني
والسلوك مستقل عن النماذج الدينية.
ويمكن وصف
الانتقال الجنسي في هذه المرحلة عبر خمس نقط أساسية:
1-
التكرارية العالية قبل الزواج.
2-
ميلاد الزوج الزوجي، بمعنى أن مفهوم الزوج couple
كان غائبا في التراث العربي الاسلامي، فالزوج
والزوجة مفاهيم كانت مرتبط بالديانة المسيحية، كما ترتبط بالأسرة النووية.
3-
أهمية وانتشار العمل الجنسي.
4-
الانتقال من مثلية جنسية عابرة إلى مثلية
جنسية هوياتية.
5-
جنسانية معرضة لمخاطر عديدة لأنها غير محمية.
تتميز هذه المرحلة
بكونها بداية القطيعة بين المعيار والسلوك.
بالنسبة للتكرارية العالية أعطى الاستاذ عبد
الصمد الديالمي، بعض الارقام الرسمية لتأكيد وجهة نظره، حيث أورد احصائيات وزارة
الصحة التي قامت بدراسة حول السلوكات الجنسية عند الشباب، والتي بينت أن معدل سن
العلاقة الجنسية الكاملة عند الفتى هو 16 سنة والفتاة هو 18 سنة، بينما معدل سن
الزواج الاول هو 26 سنة عند الفتاة، و31 سنة عند الفتى.
بمعنى أن هناك
فارق بين العلاقة الجنسية الاولى وسن الزواج، وهذا الفارق يدل على أن هناك جنسانية
قبل الزواج، وأشار إلى أن الجنسانية غير الكاملة هي محاولة للتوفيق بين الطابو
والرغبة، مع استمرار الشعور بالإثم، مع اعتبار أن اثم الجنسانية غير الكاملة، هو اثم
صغير على أية حال.
وفيما يخص العذرية
فإن التعريف القرآني يحيل على غياب تام لكل تجربة جنسية قبل الزواج، في حين نجد في
المجتمع تعريف توافقي يحيل على أن العذرية هي الاحتفاظ بغشاء البكارة، حيث برزت
بعض الطرق للحفاظ على غشاء البكارة حتى في حالة الافتضاض من خلال الترميم أو
الترقيع، وحسب الاستاذ الديالمي فإن غشاء البكارة كان هو عاصمة جسد الفتاة، وهو
رأسمالها، وبعد الزواج تتحول العاصمة لتصبح هي الرحم. أما حاليا فإن غشاء البكارة
يصبح رأسمال بالنسبة للفتيات الفقيرات القرويات اللواتي ليس لهن أي رأسمال رمزي
آخر كالشهادات أو العمل...
ويؤكد الديالمي أن
هناك تقابل بين الاطروحة العامية والاطروحة السوسيولوجية لغشاء البكارة، فإن
الاطروحة الاولى تعتبر أن البكارة أساسية لكل فتيات المغربيات، أما الثانية فهي
تعتبر البكارة مهمة فقط للفتيات الفقيرات، اللواتي إذا فقدن غشاء البكارة يفقدن كل
شيء، ويعاملن وكأنهن سلعة فاسدة، لهذا تلجأن إلى العمل الجنسي بعد رفضهن من طرف
أسرهن.
بالنسبة لظهور
مفهوم الزوج الزوجي، المرتبط في المغرب بظهور الاسرة النووية، فإن الديالمي قام
بالاستعانة بإحصائيات وزارة العدل لسنة 2011 حول تعدد الزوجات، والتي أثبتت أن
تعدد الزوجات في تراجع، بحيث أن %0.3 فقط من الزيجات في
المغرب هي متعددة، وبالتالي هناك اندثار تدريجي لتعدد الزيجات، وبالتالي فإن
الاسرة النووية تعطي فرصة أكبر للجنس في الوقت الذي كانت فيه الاسرة الممتدة
مقاولة اقتصادية أكثر من كونها جنسية.
وفي بحث حول
الرجولة في المغرب الذي أنجزه الديالمي سنة 2000، فإن %41 من الرجال في المغرب
يؤكدون وجوب احترام رغبة الزوجة اذا امتنعت عن الجنس، و%39 يعتبرون أن تولي
المرأة عملية تدبير العملية الجنسية لا يؤثر على رجولتهم.
وفي معرض حديثه عن
العمل الجنسي، أشار الديالمي أن العاملات الجنسيات لا يمارسن الجنس من أجل المتعة،
بل هو نشاط إقتصادي، وأن العمل الجنسي هو حل غير هيكلي لمحاربة البطالة، خصوصا أنه
في بعض الجهات من المغرب، يكون العمل الجنسي هو الحل الوحيد للانتعاش الاقتصادي،
في الوقت ذاته فأن السلطات ترفض أن ترى وترفض أن تعاقب، حيث أن الدولة تفضل أن
تختار الفتاة العمل الجنسي عوض العيش في الفقر وعوض التدين.
وفي النقطة
الاخيرة حول مخاطر الجنسانية، يحيل الباحث عن مجموعة من المخاطر الناجمة عن ضعف
الوقاية والجهل بوسائل الحماية، خصوصا فيروس فقدان المناعة المكتسب، ارتفاع حالات
الاجهاض العشوائي، وبروز ظاهرة الامهات العازبات.
وأشار الديالمي
إلى أن استعمال الواقي الذكري من طرف الشباب المغربي ضعيف جدا، بسبب مجموعة من
التمثلات السلبية، التي تروج إلى أنه يقلل من اللذة الجنسية، ينع المني من الخروج
كليا، غالي الثمن، الخوف من الشك بين الشريكين، إلى جانب الخجل من شرائه من
الصيدليات.
وبالتالي فالمغرب
يعاني من غياب سياسات وقائية جنسية، ووجود تناقض بين القوانين الزجرية مثل الفصل
490، والتطبيق غير الكامل، ويعزي الديالمي عدم التطبيق لكثرة هذه السلوكات التي
يمكن اعتبارها كالجبل الثلجي الظاهر.
كما أن التربية
الجنسية هي لا شكلية وغير معممة، تقتصر في المقررات الدراسية على بعض وسائل منع
الحمل والوقاية من الامراض، ولا يتم الحديث عن المتعة واللذة الجنسية.