11‏/07‏/2017

البطل الشيطان في كفر دلهاب

البطل الشيطان في كفر دلهاب

بقلم أمينة زوجي


خلفت الحلقة الأخيرة من مسلسل كفر دلهاب صدمة كبيرة في صفوف متتبعيه، ولاسيما الدقائق الأخيرة من الحلقة، حين يكتشف المشاهدون أن البطل الذي تعاطفوا معه، وساندوه منذ الحقلة الأولى من أجل تحقيق العدالة، ما هو إلا الشيطان دلهاب نفسه.

ربما احتاج المشاهدون إلى إعادة الحقلة أكثر من مرة لاستيعاب ما حدث، فعوض أن يتم اختتام المسلسل بفرحة الانتصار، كما كان منتظرا، بعدما تم افتضاح أمر المذنبين،  سواء الذين اشتركوا في قتل الفتاة البريئة ريحانة بعد الاعتداء عليها جنسيا، أو الذين اشتركوا في الغدر بوالديه بدافع الطمع والغيرة.

تكشف الحلقة الأخيرة أن غاية الطبيب سعد أو شهاب الدين لم تكن هي إظهار الحقيقة وتحقيق العدل، بقدر ما كانت هي تحقيق غاية الشيطان، المتمثلة في  استغلال البشر  عبر تحفيز دافع الانتقام لديهم  ولو على حساب الأبرياء. فالانتقام لا يمكن أن يتحقق دون الاساءة للآخرين، وقد تم ذلك في كفر دلهاب من خلال نشر الأمراض بين سكان الكفر، والتسبب في تعطيل أرزاقهم وتجارتهم. ويقول سعد الطبيب مخاطبا هند التي أصيبت بالذهول بعد اكتشاف تعرضها للخداع وأن ما كانت تحارب من أجله كان مجرد وهم: إن العدل لم يتحقق، فرغم تعرض المذنبين للعقاب الشديد، إلا أن لا أحد منهم تمت محاكمته محاكمة عادلة.

في الدقيقتين الأخيرتين يعلن البطل عن شخصية الشيطان بشكل صريح، بقول إن الخدعة القديمة تعيد نفسها، وأن البشر يقعون في نفس المصيدة دائما أمام الأمل الزائف، وهنا نفهم أنه يشير إلى قصة آدم وحواء مع إبليس، ويصرخ أنا أفضل منهم، أنا الرابح، أنا الذي سأظل أعيش مادامت الأرض ترتوي بدم الظالمين والمظلومين.

هدف الشيطان على لسان البطل هو جعل دائرة الدم والسواد تكتمل، فالظالم يموت بظلم أكبر، أما المظلوم فهو حينما ينسى ربه ولا يتوكل عليه، ويعتقد أنه قادر على انتزاع حقه بنفسه، وأن إرادته هي التي تحركه وتحدد مصيره وليست إرادة الله، وأن النار التي بداخله عليها أن تحرق الكل بدون تمييز، حينها يستوي مع الذي ظلمه، ويقتل بنفس الغل ونفس الطريقة حينها يصبح ظالما.

اختار صناع العمل نهاية صادمة للعمل الذي حقق نسبة مشاهدة عالية جدا خلال موسم رمضان، للخروج عن النهايات التقليدية من جهة، ومن جهة أخرى لتكون الرسالة المراد تبليغها ذات وقع أكبر، والمتمثلة في كون اختراق الشيطان للإنسان لا يكون دائما من خلال الوسوسة لفعل أمر قبيح أو منهي عنه، بل إن  الشيطان أقوى من ذلك وقد يخترقه من باب الخير وتحقيق العدل أيضا، حيث يجعل الإنسان يبحث عن أي وسيلة كيف ما كانت لتحقيق ما يريد.

استطاع المسلسل منذ الحلقة الأولى شد المشاهدين له، وقد ذهب البعض إلى اعتبار أن العمل يتضمن اسقاطات سياسية من قبيل استغلال الدين للوصول إلى السلطة، وهناك من ربطه بأحداث معينة، ولكن يبقى العمل الفني لوحة للتأمل والقراءة من زوايا متعددة، فهذه الاسقاطات قد تنطبق على أي مجتمع كيف ما كان دون أن تكون هناك نية خالصة لمحاكاة هذا المجتمع بالذات.

وتجدر الإشارة إلى أن الممثل المصري يوسف الشريف هو من قام بدور البطولة، وهو صاحب الفكرة أيضا، وقد عرف عنه ميله في أعماله إلى الأفكار المثيرة والغامضة، وقد تمكن في السنوات الأخيرة من لفت الأنظار إليه بشكل قوي.


ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ مقالات نافعة 2015 ©