01‏/10‏/2016

الانتخابات والمواطنة بين التنوع والاختلاف الثقافي

الانتخابات والمواطنة بين التنوع والاختلاف الثقافي


بقلم عبد الرحيم عنبي*




إن التعددية الثقافية لأي مجتمع لا تعتبر في حد ذاتها مشكلة، فمن حق كل فرد وكل جماعة أو جهة أن تعيش وتدبر شأنها المحلي وفق ثقافتها وعاداتها وتقاليدها أو وفق خصوصياتها الثقافية، لكن شريطة أن تكون كل المرجعيات الثقافية قائمة على أساس المصالح الوطنية العُليا، ولا تشكل أي تحريف لمسلمات الوطن. وأعني بالمصالح الوطنية العُليا؛ تلك المصالح التي تهم كل المجتمع وليست مصالح خاصة منعزلة تؤدي في النهاية إلى صراع ثقافي وسياسي في المجتمع؛ من شأنه أن يؤدي إلى التشتت والانفصال. من هنا فالوطنية هي ذلك الإطار الثقافي وذلك النظام السياسي العريق والمتصل بالتاريخ؛ المشترك بين كل المجموعات الاجتماعية على الرغم من الخصوصيات الثقافية . بمعنى أن الوطنية يجب أن تحتوي التعددية الثقافية. ومن ثمة، فإنها تؤدي إلى التلاقي الثقافي، والذي لن يتأتى إلا من خلال الانتماء إلى نظام سياسي عريق ؛ تصبح معه الوطنية مجموعة من القيم الأخلاقية والسياسية و أيضاً مجموعة من القيم السلوكية. و من هنا؛ فإنه لا يمكن بأي حال من الأحوال الفصل بين القيم والسلوك والانتماء إلى نظام سياسي متصل بالتاريخ ، في مجال الوطنية. من هنا تكون الوطنية هي مفهوم يستوعب مجالات مختلفة في واقع حياتنا الاجتماعية. ولكنه يستحضر البعد التاريخي . أي أنه كلما ارتبطنا بالتاريخ ، كلما كان إطار الوطنية قوي وشامل، وكلما ابتعدنا عن التاريخ كلما كان إطار الوطنية هشا ورخوا وضيقا . وأخذنا بالإطار الأول يجعلنا نستحضر علاقة الفرد بالوسط الاجتماعي الإنساني من خلال التاريخ ، وهذا يعطيه انتماء قوي إلى وسطه ، وإذا حافظ الفرد على اتزان حبه وانتماءه لتاريخه وأهله وأبناء جهته ؛ فإنه من الطبيعي أن يحافظ على ذلك بالنسبة للوطن . أما الإطار الثاني ؛ فإنه يجعل الفرد يضع نصب عينيه حسابات ضيقة تقوده لتقديم مصلحته الفردية على حساب المصالح العليا للوطن . وفي الواقع؛ أن الجهات والمجموعات الاجتماعية يجب أن تكون موضوع التقاء كل التوجهات والأفكار والآراء التي تعكس نوعاً من التعددية الثقافية في المجتمع؛ بحيث أن الوطنية إذا لم تكن فوق "التعددية الثقافية" فلن تكون لها جذورا في سلوكيات الإفراد والجماعات. هنا يمكن القول: بأن من أبرز المشكلات التي تواجهها الاحزاب السياسية في علاقتها بالوطنية اليوم هي : مشكلة التعددية الثقافية. هذا ينطبق على كل المجتمعات العربية بما فيها المجتمع المغربي. هذا النقاش هو الغائب في الجملات الانتخابية، غائبة في برامج الأحزاب السياسية.




*أستاذ علم الاجتماع بكلية الاداب والعلوم الانسانية بأكادير

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ مقالات نافعة 2015 ©