01‏/10‏/2016

أحزابنا السياسية والمواطنة

أحزابنا السياسية والمواطنة

بقلم عبد الرحيم عنبي*

سوف أتحدث هذا المساء عن العلاقة بين الحزب السياسي والوطنية، ذلك أن هذا الأخير عليه أن يلعب دور الإطار التربوي على قيم المواطنة والوطنية.
إذا كان هناك اتفاق بين علماء الاجتماع السياسي على أن مفهوم الوطنية أخذ طابعه السياسي بعد أن تشكلت الدول وفرضت الحدود الجغرافية. هنا نجد أن مفهوم الوطنية مفهوم محصور في المعنى السياسي.  كما يصوره لنا علماء السياسة وهذا في الواقع ضيق كثيراً من مفهوم الوطنية وجعله مفهوماً سياسياً أكثر منه مفهوماً إنسانيا شاملاً. معنى ذلك؛ أن الوطنية هي مفهوم متعدد الأبعاد؛ إذ لا تحتوي الوطنية على المعنى السياسي فحسب، وإنما تشمل أيضاً معنى ثقافيا واجتماعيا وأخلاقياً. وهذا يقودنا إلى القول؛ بأن الوطنية هي مجموعة من القيم التي ينبغي أن يتحلى بها أفراد المجتمع،  فحب الوطن هو قيمة والديموقراطية قيمة واحترام الآخر والعمل من أجل تحسين مستويات العيش واحترام ثقافة البلد الذي ننتمي له كلها قيم تؤلف الإطار السياسي للحزب؛ ومن هنا؛ فإن التزام الفرد بهذه القيم يكون عن طريق التربية على المواطنة ؛ أي أن الحزب السياسي هو الذي يلعب هذا الدور؛ عليه أن يربي أفراد المجتمع على قيم تجعله يضعون مصلحة الوطن فوق كل الاعتبارات.
 الحزب السياسي أذن يكون هو ذلك الإطار التربوي الذي من خلاله يتعرف أفراده على تاريخ المجتمع وعلى تراثه وبالتالي يتخلون عن القيم الضيقة التي تأسس لوطنيات محلية تؤدي في الغالب إلى الفرقة وإلى عرقلة التنمية.  فالحزب بهذا المعنى يكون هو تلك الأداة الأساسية لتغيير واقع متخلف،  تحكمه ردات الفعل النابعة من الثقافات الضيقة والمذهبية،  حتى يجنب المجتمع السقوط في القيم المتعفنة والتي من شأنها أن تقود البلد إلى الفوضى.  وعليه ؛ فالحزب إذن هو إطار سياسي تحكمه قيم عليا للبلد،  تجعل الأفراد يشتركون بنفس الدرجة في حب الوطن وفي الاستفادة من خيراته،  وأيضا يشتركون بنفس الدرجة في تدبير الشأن السياسي.  ومن هنا ينبغي على الحزب السياسي أن يتحول إلى مدرسة لتـأطير وتكوين الأفراد على حب البلد وعلى قيم المواطنة،  والتي بدونها لا يمكن الحديث عن التنمية.  لكن، أين هي أحزابنا من هذا الطرح، أحزبنا مجرد تجمعات للصراع وللنهب المال العام وجيوب المواطن. أحزابنا تجمعات لبيع وشراء الذمم.





*أستاذ علم الاجتماع بكلية الاداب والعلوم الانسانية بأكادير

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ مقالات نافعة 2015 ©